مِنْ أينَ جئتِ
وأى أرضٍ أنجبتك ِ
وكلُّ ما فى الأفق ِأشلاءٌ ونارْ
من قالَ إن شجيرةَ الياسْمينِ
تنبتُ فى حقول ِالدَّم ِ
تنثرُ عطرَها وسطَ المذابح ِوالدمارْ
ومتى ظهرت ِ
وقد توارى الصبح ُفى عيْنَىّ
من زمن ٍ.. وودعَنَا النهارْ
صَغُرتْ عيونُ الكونِ فى أحداقنا
حتى تلاشىَ الضوءُ..وافترق المسارْ
وأنا وأنت ِ
كنجمتين ِوراء هذا الغيمِ
رغم البعدِ يجمعنا المدارْ
وعلى امتداد ِالأفقِ ظلُ شجيرةٍ
وغناءُ عصفورٍ كسير ٍ
أطربَ الدنيا وطارْ
<<<
من أينَ جئت ِ؟!
وأنتِ آخر ليلةٍ
زارتْ خريفَ العمرِ
والشطآنُ خالية ٌ
وموجُ البحر ِأتعبه الدوارْ ..
أنا لا أصدق ُ
ان يكونَ الدمُّ آخرَ ما تبقى
من زمانِ الحبِ والأشعارْ
أنا لا أصدقُ أن تكون نهايةَ الأوطان باسمِ الدينِ
أشلاءٌ وقتلٌ وانتحارْ
أنا لا أصدقُ أن يسود الجوعُ
والطغيانُ والفوضى فى آخر المشوارْ
<<<
من أين جئت ؟
تبدو عيونك ِآخرَ السرداب ِ
ضوءاً خافتاً وسطَ العواصفِ والغبارْ
كم كنتُ أسألُ كيف يأتى الحبُ أقداراً
وكيف يجئ والعشقُ اختيار ْ
كنتُ اعتزلتُ الشوقَ من زمنٍ
وودعتُ الحنينَ ..
وحين َغابَ الشعرُ
أسدلتُ الستار ْ
وجلستُ فى صمتِ الخريفِ
أصافح ُالأيامَ يوماً بعد يوم ٍ
بعدَ أن فاتَ القطارْ
كم من طيورٍ هاجرتْ من عُشها
وتكسرتْ بين الرحيلِ وقسوة ِالإعصارْ
ومضتُ تفتشُ بعد أن رحلَ الرفاق ُ
فلا اشتياقَ..ولا غناءَ..ولاانتظارْ
<<<
من أينَ جئتِ ؟!
مواكبُ الموتى تضجُ من الجماجمِ
والمدى حولى حصارٌ فى حصارْ
الناسُ ترحلُ فى قطارِ الموت ِ..
أشلاءً يلملمها جدارٌ ثم يلقيها جدارْ
يترنحون على المفارق ِكالجرادِ
فلا خيولَ..ولا صهيلَ..ولا ديارْ
يترنحُ الكهانُ فى البارات ِ
والدنيا خراب ٌ..والمدى وطن ٌ..
تسلمه المشانِقُ للمخابئ ..للدمارْ
يتبادلونَ الكأسَ فى نخْب الضلال ِ
الخمرُ دمُّ .. والكؤوسُ مذابحٌ
والموتُ يرقصُ فوق أشلاءِ الصغارْ
هذا زمانُ القتلِ باسمِ الدينِ ..
باسمِ العدلِ..باسم ِالله الواحد ِالقهارْ
فى البدءِ كانت رحمةُ الإنسان ِ
تسبقُ سيفَه البَّتارْ
من قالَ إن العشقَ
يولدُ فى بحارِ الدمِّ
يكبرُ فى ليالى القهرِ ..
يزهوُ فى ثياب ِالعارْ
كذبوا علينا واستباحوا
فرحةَ الأيامِ فينا ..
كلُّ مخبولٍ تآمرَ فى شعارْ
وأمام خِنزير ٍقبيح ِالوجهِ
تسقطُ أمة ٌ
ما بين َعجزٍ .. وانكسارْ
<<<